كاتب أمريكي يرصد خيانة ويلسون لـ«حق تقرير المصير».. وتجاهله رسائل سعد زغلول - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 1:18 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كاتب أمريكي يرصد خيانة ويلسون لـ«حق تقرير المصير».. وتجاهله رسائل سعد زغلول

محمد هشام وسمر أحمد:
نشر في: الإثنين 11 مارس 2019 - 11:31 م | آخر تحديث: الثلاثاء 12 مارس 2019 - 9:25 ص


رصد إيريز مانيلا أستاذ التاريخ في جامعة هارفارد، فى مقال تحليلى نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أمس الأول، خيانة الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون، لمبدأه الشهير بشأن حق تقرير المصير بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، واعترافه بالوصاية البريطانية على مصر، وتجاهله لرسائل زعيم الأمة سعد زغلول.

وقال الكاتب فى مقال تحت عنوان "وودرو ويلسون وأقبح الخيانة" إن "نهاية الحرب العالمية الأولى شكلت فترة لتوقعات عظيمة كان الرئيس الأمريكي آنذاك وودرو ويلسون فى القلب منها، فالملايين في جميع أنحاء العالم اعتبروا أن ما يحدث علامة تبشر بعالم ناشىء تمنح فيه جميع الشعوب الحق في تقرير مستقبلها".

وأطلق أستاذ التاريخ في جامعة هارفارد على تلك الفترة الممتدة تقريبا من خطاب ويلسون فى 14 يناير 1918 إلى إبرام معاهدة فرساي للسلام في يونيو 1919 ، "اللحظة الويلسونية" ، فى إشارة لمبدأه الشهير بشأن حق تقرير المصير.

وأوضح مانيلا أنه "في مصر، كانت اللحظة الويلسونية مؤثرة بشكل خاص. فعندما بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 ، أعلنت بريطانيا فرض الحماية على مصر، وإن كانت الهيمنة البريطانية الرسمية في مصر حاضرة منذ أوائل ثمانينيات القرن الـ19، وكان مبررها أنها إجراء مؤقت فى زمن الحرب"

وتابع أن " الحماية البريطانية لم تجنب المصريين صعوبات الحرب، حيث أصبحت مصر قاعدة عسكرية ضخمة وتجمع الآلاف من قوات الحلفاء على أراضيها، وعانت من التضخم والتجنيد الإلزامى والاستحواذ على (مواردها) ماجعل الحياة صعبة فى زمن الحرب".

ومضى قائلا : "في الوقت نفسه ، برزت الولايات المتحدة ورئيسها كبطل للأفكار الجديدة حول النظام الدولي الذي سينشأ كنتاج لانتصار الحلفاء"، مشيرا إلى أن "خطاب ويلسون في ظل الحرب، وخاصة تشجيعه القوى لمبدأ "تقرير المصير" ، أقنع الكثيرين في مصر وأماكن أخرى بأن قواعد اللعبة على وشك أن تتغير.

وأوضح مانيلا أنه حتى قبل أن انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب في أبريل 1917، أعلن ويلسون أن السلام يجب أن "يتقبل مبدأ أن الحكومات تستمد كل سلطاتها العادلة من موافقة المحكومين".

وبعد دخول واشنطن الحرب، كان ويلسون أكثر تأكيدًا. وقال في مايو 1917 إن الولايات المتحدة وحلفائها كانوا "يناضلون من أجل الحرية والحكم الذاتي وتطور الشعوب".

وفي الثامن من يناير 1918، ألقى ويلسون خطابا في الكونجرس لتوضيح الرؤية الأمريكية للعالم بعد الحرب، وهو الخطاب الذي عُرف على مستوى العالم بـ "مبادئ ويلسون الأربعة عشر".

وأشار الكاتب الأمريكى إلى أنه على الرغم من أن ويلسون لم يذكر مصطلح "تقرير المصير" صراحة في خطابه، إلا أنه استخدمه الشهر التالي ووصفه بأنه "مبدأ ملزم بالعمل"، وعبر عنه قائلا إن "كل تسوية تتعلق بالأراضي التي دخلت في الحرب يجب أن تتم بما يخدم مصلحة وفائدة الشعب المعني".

وأوضح الكاتب أنه ليس من المستغرب إذن، أنه عندما انتهت الحرب في نوفمبر 1918، توقع المصريون أن يعكس نظام ما بعد الحرب، خطاب ويلسون أو أنهم يتحركون بسرعة للمشاركة في النظام الجديد الناشئ.

ففي 13 نوفمبر، أي بعد يومين فقط من إبرام الهدنة، طلب مجموعة من الساسة المصريين، بقيادة سعد زغلول، من المفوض السامي البريطاني، السير ريجينالد وينجيت، السماح للسفر إلى باريس لتقديم قضية مصر بشأن حقها في تقرير المصير قبل انعقاد مؤتمر السلام هناك.

ولفت أستاذ التاريخ في جامعة هارفارد إلى أن سعد زغلول كان معروفا في تلك الفترة باسم "زعيم الأمة"، وشغل منصب وزير بين عامي 1906 و 1913، وكان يشعر باستياء من الدعم البريطاني للملكية الاستبدادية في مصر، الأمر الذي دفعه للاستقالة، ثم انتخب لعضوية البرلمان، بحلول عام 1918 ليصبح زعيم المعارضة.

وأشار الكاتب إلى أن بريطانيا كانت تعتبر مصر، وخاصة قناة السويس، شريان الحياة الاستراتيجي لإمبراطوريتهم، وكانت عاقدة العزم على الاحتفاظ بالسلطة فيها، وكان آخر ما ترغب فيه لندن هو أن تتحول المطالب المصرية إلى نقطة تفاوضية في مؤتمر باريس للسلام.

وتابع: "لذلك كان وينجيت يتلاعب سعيا لكسب الوقت، وطلب من وفد زغلول التحلي بالصبر، نظرا إلى أن "حكومة صاحب الجلالة (الحكومة البريطانية)" منشغلة بأمور أكثر إلحاحا، ولكن بعد فترة وجيزة رفضت لندن إعطاء الوفد الإذن بالسفر إلى باريس".

وردا على ذلك، سعى سعد زغلول ورفاقه إلى حشد الدعم العام، وتنظيم تجمعات جماهيرية كما بدأ حملة جمع توقيعات وناشدوا وينجيت مباشرة في برقية، أكد فيها سعد زغلول أن "المصريين يشعرون بالسعادة لولادة حقبة جديدة، وبفضل تصرفك، ستفرض مصر نفسها تقريبا على الكون".

وأضاف زغلول: "تلك الحقبة الجديدة لن تتأثر بطموحات النفاق، أو بسياسة الهيمنة القديمة، وستعزز المصالح الوطنية الأنانية. يجب أن تتاح للمصريين فرصة الذهاب إلى باريس، وهذا لا يعدا أكثر من حقهم الطبيعي والمقدس".

وأشار الكاتب إلى أنه على الرغم من اندلاع المظاهرات في كل أنحاء مصر، إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية لم تحرك ساكنا، كما أن آلن دالاس، الدبلوماسي الأمريكي الشاب آنذاك والذي تولى بعدها رئاسة المخابرات المركزية "سي.آي.إيه"، قال إن الدعوات المصرية "لا يجب حتى أخذها في الاعتبار"، كما اتفق معه آخرون.

وأوضح كاتب المقال أنه بمجرد أن كتب وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور أن ذوى النزعة الوطنية الحادة في مصر، الذين وصفهم بأنهم "عملاء لتركيا والبلاشفة"، يستخدمون كلمات ويلسون "لإثارة حرب مقدسة ضد الكفار"، سارع ويلسون إلى الموافقة على الاعتراف بالحماية البريطانية على مصر.

وانتشر خبر قرار ويلسون بالاعتراف بالوصاية البريطانية على مصر، في الوقت الذي كان فيه زغلول ووفده يعبرون البحر المتوسط في طريقهم إلى باريس، وشعر المصريون بالصدمة من قرار ويلسون.
ووصف المفكر المصرى محمد حسين هيكل القرار بأنه "صاعقة"، قائلا: "كيف يمكن أن ينكر ويلسون حق المصريين في تقرير المصير حتى قبل وصول الوفد إلى باريس؟ كان هذا أقبح الخيانة وأعمق نبذ للمبادئ".
وظل سعد زغلول في باريس لعدة أشهر في محاولة للدفاع عن القضية المصرية كما أرسل سلسلة من الرسائل لويلسون طلبا للقاءه، لكن الرد اقتصر على ملاحظات متقطعة من سكرتيرة ويلسون تؤكد فيها انشغال الرئيس الأمريكى بمسائل أخرى.
وبحلول صيف 1919، سعى زغلول للحصول على بعض الدعم في الكونجرس الأمريكي، وفي يونيو، أخبر زعيم الأمة الصحافة المصرية أن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أكدت أن مصر لا تخضع للسلطة التركية ولا البريطانية ، وإنما "محكومة ذاتياً". وقد أثارت هذه النتيجة موجة من النقاشات في وسائل الإعلام المصرية.


في نوفمبر 1919، أرسل سعد زغلول، الذي كان لايزال في أوروبا، برقية إلى ويلسون طلب فيها دعم الرئيس الأمريكي للمطالب المصرية، كما أشار إلى أن الشعب المصري ينظرون إليه باعتباره "زعيم العقيدة الجديدة، التي من شأنها أن تضمن السلام والازدهار في العالم، ولكنه الآن يعاني من المعاملة الهمجية على أيدي البريطانيين بعدما كانوا يؤمنون بمبادئك"، إلا أن خيبة الأمل المتزايدة كانت الرد على تلك الرسائل.
ورغم الفشل في الحصول على الدعم الأمريكي، أصبح الزعماء الوطنيون، المدعومون من الرأي العام المصري، ملتزمين بشدة بمقاومة السيطرة البريطانية. وفى هذا الإطار كتب سعد زغلول رسالة لوزير الخارجية البريطانى بلفور، قال فيها إن "روح العصر الجديدة تتطلب أن يكون لكل شعب الحق في تقرير المصير".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك