الخراج.. ظاهـرة مزعجة

01:34 صباحا
قراءة 6 دقائق

يعرف الأطباء الخراج بأنه تجمعات للصديد في أحد طبقات الجلد، وفي الأنسجة الداخلية للجسم، وفي الأغلب فإنها تظهر على شكل نتوءات ذات لون أحمر، وتكون مؤلمة، وعندما تتطور الحالة يتوسط هذا النتوء بثرة يكون فيها الصديد.
ويحدث الخراج بشكل طبيعي كأحد أشكال رد فعل الجهاز المناعي على أسباب العدوى، فتتوجه خلايا الدم البيضاء إلى الأنسجة المصابة بالعدوى، وبالتالي يتكون الخراج، حيث تتجمع خلايا الدم البيضاء حية أو ميتة، وخلايا النسيج المتهتك، ومسببات العدوى، مثل الفطريات وخلايا البكتيريا.
تعتبر نفس هذه الآلية هي التي تحدث بالنسبة للخراج المتكرر، ولذلك فلا يعد حالة بذاته أو نوعاً منفصلاً، وإنما مجرد تكرار للخراج لكن بصورة غير معتادة.
وتتكرر إصابة من يعانون من أمراض المناعة الذاتية بالخراج أكثر من الأسوياء، كما أن لبعض الأمراض دوراً كالسكري في هذه المشكلة، ويعتبر ظاهرة تصيب الكثيرين وتسبب حالة من الانزعاج.
ويعرف الخراج كذلك باسم الدمّل، والذي يصيب أي جزء من أجزاء الجسم، وإن كان هناك أجزاء عرضة بشكل أكبر لذلك، كما أن حدوث هذه الإصابة داخل الجسم يسبب ضراراً للأعضاء الداخلية.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة الخراج بكل جوانبه، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوثه، وكذلك أعراضه وطرق الوقاية الممكنة، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.

رد فعل

يرجع في كثير من الحالات ظهور الخراج إلى رد فعل للجسم ضد التهاب بكتيري أو طفيلي، ويمكن أن يكون بسبب مشكلة في الغدة العرقية أو التهاب بصيلات الشعر، وربما ظهر عقب إجراء العمليات الجراحية، وذلك طبقاً لما نشر في موقع «ويب مد».
ويضيف الموقع: يبدأ الجهاز المناعي للجسم في تشكيل تجويف يحتوي العدوى ويمنع انتشارها لباقي أنحاء الجسم، وذلك بمجرد تعرضه لعدوى أو التهاب معدٍ، ويجمع الصديد بداخل التجويف، الذي يحتوي على الخلايا الميتة والبكتيريا والبروتينات.
ويصاب الشخص بالخراج المتكرر نتيجة وجود عوامل صحية، وأمراض تتسبب في ضعف مناعة الجسم، وهي بدورها تسمح بأن تتكرر الإصابة به بشكل مستمر.

العنقودية الذهبية

نشر موقع «هليث لين» أن من الأسباب للإصابة بالخراج، البكتيريا العنقودية الذهبية، وهي توجد بشكل طبيعي في أماكن معينة في الجسم، كالبلعوم والأنف والإبط، ونسبة تواجدها في البالغين الأصحاء حوالي 50%.
وتزيد هذه النسبة لدى المصابين بأمراض معينة، كالفشل الكلوي والسكري من النوع الأول، ومن خضعوا لعمليات جراحية، وكذلك من يتعاطون المخدرات، ويزداد بشكل خاص بالنسبة للمصابين بأمراض مناعية، وبالذات تلك المؤثرة على كريات الدم البيضاء.
ويضيف الموقع: يعد كذلك من أسباب الخراج المتكرر مرض كرون؛ وذلك لأن المشاكل التي تتعلق بهذا المرض بالنسبة للجلد تصل إلى 20% من إجمالي المصابين، وتزيد في حال إصابة القولون بهذا المرض، وتظهر الأعراض الجلدية في الأغلب على صورة تقيح الجلد الغرغريني، أو صورة حمامي عقدية.

العامل المشترك

تصيب الدمامل أي مكان في الجلد، إلا أنها تظهر بالأخص على الوجه أو الإبط أو الأرداف أو الفخذين أو الرقبة، ويلاحظ أن العامل المشترك بين هذه المناطق هو وجود شعر، وتكون أكثر عرضة للعرق وللاحتكاك.
ويمكن أن تشمل علامات الدمل وجود نتوء مؤلم ذي لون أحمر، ويبلغ حجمه في البداية حجم حبة البازلاء، كما أن المنطقة المحيطة بالنتوء تكون متورمة وذات لون أحمر.
ويمتلئ بالقيح خلال بضعة أيام، مما يؤدي إلى زيادة حجم النتوء، والذي يمكن أن يصل أحياناً إلى حجم كرة البيسبول، ويتكون بمرور الوقت طرف ما بين الأصفر والأبيض، والذي يتمزق في النهاية ويتيح تصريف القيح.

العدوى أعمق

يعتبر الخراج مجموعة من الدمامل التي تمثل منطقة متصلة من العدوى تحت الجلد، وتكون العدوى في هذه الحالة أعمق، كما أنها عرضة بشكل أكبر إلى أن تترك ندبة، ويشكو من يصابون بالخراج غالباً من التوعك العام، وربما عانوا من الارتجاف والحمى. ويؤدي إهمال المصاب في علاج الخراج إلى تطور الأعراض؛ حيث يتكون بروز علوي أو رأس يتوسط الخراج، ويتكون من الصديد، وبحسب تطور المرض وانتشاره في أنسجة الجلد الأعمق، وربما وصلت العدوى التي توجد في الصديد إلى الدم.
ويبدأ المريض في هذه الحالة بالدخول في مرحلة الحمى، وتظهر عليه أعراض أخرى، وذلك حسب الميكروب الذي يوجد في الصديد.

أنواع الخراج

يمكن أن يقسم الخراج إلى أنواع، وذلك بحسب الموقع التشريحي له، حيث تتعرض أماكن كثيرة في الجسم للإصابة بالخراج، ومنها الجلد والأنسجة التي تقع تحته، وكذلك الغدة النكافية، واللوزتان والمنطقة المحيطة بها.
ويتعرض للإصابة بهذه الحالة البلعوم والحنجرة، والغشاء الذي يقع خلف الأذن، وتعد الكلى والأنسجة التي تقع حولها من المناطق التي تصاب بكثرة بالخراج.
ويزيد كذلك خطر الإصابة في الجزء السفلي من تجويف البطن، والحوض والغشاء البريتوني، كما أن الكبد والطحال والبنكرياس والمستقيم من الأعضاء المعرضة بكثرة للإصابة بهذه الحالة.
ويعد أول أنواع الخراج هو الذي يصيب البطن، والذي يوجد بالقرب من الكبد أو داخله، أو البنكرياس أو الكلى، وكذلك غيرها من الأعضاء.
وترجع الإصابة بخراج البطن إلى عدة أسباب، كانفجار الزائدة الدودية أو الأمعاء أو المبيض لدى النساء، أو لإصابة بعض الأعضاء بالعدوى كالمرارة، أو وجود عدوى في الحوض.
ويزيد خطر الإصابة بخراج البطن لدى من يعانون من قرحة ثاقبة، أو لديهم ضعف في الجهاز المناعي، أو في حالة تلقي ضربة موجهة للبطن.

النوع الثاني

يأتي النوع الثاني وهو خراج الدماغ، وفيه يتجمع الصديد في أغشية السحايا التي تغلف الدماغ، وبالتالي تضغط مباشرة على الكتلة الدماغية، وتحدث بعض التغيرات الجسدية والنفسية لدى المصاب.
ويؤدي للإصابة بخراج الدماغ وجود أحد أشكال العدوى، سواء بكتيرية أو فطرية أو طفيلية، ويتوسع الخراج في منطقة مغلقة بسبب الجمجمة، وهو ما يضغط على الأوعية الدموية، وبالتالي يتسبب في موت خلايا الدماغ السليمة.
ويعتبر أبرز عرض يعانيه المصاب بهذا النوع الصداع، مع الحمى ونوبات من التشنج والغثيان والقيء، وربما اشتكى من بعض الأعراض كالارتباك والنعاس وقلة التركيز والتهيج.
ويمكن أن يصل الأمر في بعض الحالات إلى الإصابة بالإغماء أو الشلل، وكذلك تصلب الرقبة، ومشاكل في الكلام وضعف الرؤية.
ويؤدي انسداد بعض الغدد التي توجد في الشرج إلى الإصابة بالخراج الشرجي، حيث تجمع الإفرازات والقيح تحت الجلد في منطقة المستقيم والشرج.
ويعاني المصاب ألماً مزعجاً بالقرب من هذه المنطقة، مع إعياء وحمى وتعرق ليلي، بالإضافة إلى الإمساك، وتتسبب بعض العوامل في زيادة الإصابة بهذا النوع، كالحمل وتناول الأدوية التي تثبط الجهاز المناعي، وبعض الأمراض كالسكري وداء كرون.

شفاء تلقائي

يشفى الخراج في كثير من الحالات بشكل تلقائي ودون تدخل طبي، ويمكن أن تكفي بعض الإجراءات المنزلية البسيطة في علاجه.
وتشمل هذه الإجراءات وضع كمادات دافئة على المنطقة المصابة، وذلك لو كان الخراج صغيراً، أي أقل من سنتيمتر، وتظل الكمادات مدة 30 دقيقة، وذلك 4 مرات في اليوم.
ويجب ألّا يحاول المصاب التخلص من المواد التي تكون متجمعة بالخراج من خلال الضغط عليه؛ لأنه ربما يدفع الصديد والمواد المتجمعة مرة أخرى إلى الأنسجة العميقة.
وينبغي كذلك عدم محاولة فتح الخراج باستخدام أي أداة حادة كالإبرة؛ لأن هذا من الممكن أن يصيب الأوعية الدموية أو يؤدي إلى انتشار العدوى.

تدخل جراحي

يمكن أن يحتاج الخراج إلى تدخل جراحي بسيط في بعض الأحيان، عندما يسبب ألماً مزعجاً للمصاب، ويتم في هذا الإجراء شق الخراج للتخلص من الصديد.
ويتم صنع فتحة صغيرة للتخلص من الصديد، عندما يصبح الخراج أكثر ليناً، ويتخلص من الصلابة، ويقوم الطبيب بتخدير المنطقة التي تحيطه بمخدر موضعي، ومن الممكن أن يعطي المصاب مهدئاً لو كان الخراج كبيراً.
وتغطى المنطقة المصابة بمحلول مطهر، ووضع ضمادة فوق الخراج، بعد أن يتخلص الطبيب من المواد التي بداخله، وربما وصف للمصاب دواء يخفف الألم، وذلك بحسب موقع وحجم الخراج.
ويمكن أن يحتاج المصاب إلى تناول بعض المضادات الحيوية، وذلك في الحالات التي تعاني من الحمى، أو إذا كان الخراج على الوجه، لأن إزالته تؤدي لبعض المضاعفات، وكذلك لو كان هناك أكثر من خراج، أو لو كان المصاب ضعيفاً مناعياً، ولا يجب استخدام المضادات في جميع الحالات، نظراً لمحدودية فعاليتها في علاج هذا التلوث.


المضاعفات والوقاية


تقول الدراسات الحديثة إن من يصاب بنوع من الخراج معرض للإصابة به مرة أخرى خلال سنة بما يعدل 10% من المصابين.
ويزيد التعرض لأسباب الخراج المتكرر من فرصة الإصابة بالمضاعفات، والتي ربما يكون بعضها خطيراً، ويهدد حياة المصاب، وتشمل هذه المضاعفات انتشار العدوى، إلى أن تصل إلى مناطق حساسة كالحبل الشوكي والدماغ، ويمكن أن تؤدي إلى تسمم الدم، والتهاب الشغاف، وموت الأنسجة في منطقة الخراج، والتهابات في نسيج العظام
وتكمن الوقاية من الخراج في المحافظة على الصحة، وهي بمثابة الإجراءات الروتينية التي يقوم بها الكثيرون، إلا أنها تكون في حق المعرضين للخراج المتكرر مهمة للغاية، كمرضى السكري، ومرضى نقص المناعة.
وتشمل هذه الإجراءات غسل اليدين بشكل جيد، وباستخدام مضاد للبكتيريا، والعناية بالجروح ومع تلوثها، والحفاظ عليها نظيفة حتى تشفى.
ويجب عدم مشاركة الآخرين الأدوات الشخصية، كالمناشف وشفرات الحلاقة، وتجنب الإصابة بجروح في مناطق الإبط ونحوها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"