تجدد التوتر بين كوسوفو والصرب.. فما أسباب الخلاف؟

30 مسلحا تحصنوا أمس في دير شمال كوسوفو إثر مقتل شرطي (رويترز)

سلّط اقتحام دير في شمال كوسوفو وما رافقه من تبادل اتهامات بين رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بشأن المسؤولية عن الحادث، الضوء على المشكلات المستمرة في المنطقة التي يغلب الصرب على سكانها بعد 15 عاما من إعلان بريشتينا استقلالها.

وعاد الوضع هادئا اليوم في دير بشمال كوسوفو تحصن فيه أمس لساعات عدة نحو 30 مسلحا إثر مقتل شرطي، وفق ما أفاد وزير الداخلية جلال سفيتشلا.

ويأتي الإعلان في أعقاب يوم سادته فوضى بدأت في وقت مبكر أمس الأحد عندما قُتل شرطي وأصيب آخر في كمين تعرضت له دورية شرطة قرب قرية بانيسكا. وفر المسلحون إلى دير قريب تحصنوا فيه وتبادلوا إطلاق النار مع شرطة كوسوفو لساعات، مع مقتل 3 مهاجمين على الأقل في القتال.

وفيما يلي حقائق عن هذا الصراع:

  • ماذا وراء الخلاف؟

جاء استقلال جمهورية كوسوفو ذات الغالبية الألبانية في 17 فبراير/شباط، بعد نحو عقد من انتفاضة مسلحة على الحكم الصربي عام 2008، ويعترف بها أكثر من 100 دولة.

ومع ذلك، لا تزال صربيا تعتبر كوسوفو رسميا جزءا من أراضيها، وتتهم الحكومة المركزية في كوسوفو بالتعدي على حقوق الصرب، لكنها تنفي الاتهامات بإثارة الصراع داخل حدود جارتها.

ويشكل الصرب 5% من سكان كوسوفو البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، في حين يشكل الألبان 90% تقريبا.

ويُعبّر نحو 50 ألف صربي في شمال كوسوفو على الحدود مع صربيا، عن رفضهم لسلطة جمهورية كوسوفو برفض دفع تكاليف الطاقة التي يستخدمونها للدولة، وكثيرا ما يهاجمون الشرطة إذا حاولت إلقاء القبض على أحدهم.

ويحصل جميع الصرب على امتيازات من ميزانية صربيا ولا يدفعون أي ضرائب سواء لبريشتينا أو بلغراد.

  • لماذا تفاقم الوضع؟

تصاعدت حدة الاضطرابات عندما تولى رؤساء البلديات من أصل ألباني مناصبهم في المنطقة ذات الغالبية الصربية في شمال كوسوفو، بعد انتخابات قاطعها الصرب في أبريل/نيسان الماضي، وهي الخطوة التي دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها إلى توبيخ كوسوفو.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أقام صرب شمال كوسوفو عدة حواجز على الطرق وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة بعد إلقاء القبض على شرطي صربي سابق بزعم اعتدائه على أفراد شرطة في الخدمة خلال احتجاج.

ويتصاعد التوتر منذ شهور بسبب خلاف يتعلق بلوحات ترخيص السيارات، وتريد كوسوفو منذ سنوات من الصرب في الشمال أن يغيروا لوحات سياراتهم الصربية، التي يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل الاستقلال، إلى تلك الصادرة عن بريشتينا، ضمن سياستها الرامية إلى بسط سيطرتها على كامل أراضي كوسوفو.

وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت بريشتينا مهلة شهرين لتبديل اللوحات، مما أثار اضطرابات، قبل أن توافق لاحقا على تأجيل موعد التنفيذ إلى نهاية 2023.

واحتجاجا على التحول الوشيك، استقال رؤساء بلديات من العرق الصربي في الشمال، بالإضافة إلى قضاة و600 فرد شرطة هناك، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، مما أحدث خللا في عمل المؤسسات وأثار فوضى في المنطقة.

سلطات كوسوفو تعلن "السيطرة" على دير تحصن فيه مسلحون شمال البلاد (الفرنسية)
  • ما الذي يريده الصرب في نهاية المطاف؟

يسعى الصرب في كوسوفو إلى إنشاء رابطة للبلديات ذات الغالبية الصربية تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي، وترفض بريشتينا ذلك باعتباره وصفة لإقامة دولة صغيرة داخل كوسوفو، وهو ما من شأنه أن يؤدي فعليا إلى تقسيم البلاد على أساس عرقي.

ولم تحقق صربيا وكوسوفو تقدما يذكر في هذه القضية وغيرها من القضايا منذ الالتزام في 2013 بحوار يرعاه الاتحاد الأوروبي بهدف تطبيع العلاقات بينهما، وهو شرط لكليهما قبل الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.

  • ما دور الناتو والاتحاد الأوروبي؟

يحتفظ حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقوات حفظ سلام في كوسوفو قوامها 3700 جندي، وهو ما تبقى من القوة الأصلية التي كان يبلغ قوامها 50 ألفا عندما نُشرت عام 1999.

ويقول الحلف إنه سيتدخل بما يتماشى مع تفويضه إذا صارت كوسوفو معرضة لخطر تجدد الصراع. وتحتفظ بعثة الاتحاد الأوروبي بنحو 200 من أفراد قوات الشرطة الخاصة في كوسوفو، وكانت هذه البعثة قد دُشنت في 2008 لأغراض تدريب الشرطة وقمع الفساد ومواجهة العصابات المسلحة.

  • ما أحدث خطط الاتحاد الأوروبي للسلام؟

يضغط مبعوثو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على صربيا وكوسوفو للموافقة على خطة، كُشف النقاب عنها في منتصف 2022، تتوقف بلغراد بموجبها عن ممارسة الضغوط للحيلولة دون حصول كوسوفو على مقعد في المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة.

كما تلتزم كوسوفو بموجب الخطة بتشكيل رابطة للبلديات ذات الغالبية الصربية، وسيفتح الجانبان مكاتب تمثيلية في عاصمة الطرف الآخر للمساعدة في حل النزاعات القائمة.

لكن المحادثات المتعلقة بتطبيع العلاقات بين الخصمين السابقين في زمن الحرب تعثرت الأسبوع الماضي، وحمَّل الاتحاد الأوروبي رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي مسؤولية ذلك لإخفاقه في إنشاء رابطة البلديات.

واتهم كورتي، الذي وافق على أن يكون لمثل هذه الرابطة صلاحيات محدودة ويمكن للحكومة المركزية إلغاء قراراتها، وسيط الاتحاد الأوروبي بالانحياز إلى صربيا للضغط عليه لتنفيذ شق واحد فقط من الاتفاق.

ويبدو أن الرئيس الصربي مستعد للموافقة على الخطة، إذ إنه حذر القوميين الرافضين من أعضاء البرلمان من أن بلغراد قد تواجه عزلة تضر بها في أوروبا إذا رفضوا الخطة.

لكن لا يلوح في الأفق أي تقدم في ظل وجود المتشددين القوميين الأقوياء على الجانبين، وليس فقط بين صرب شمال كوسوفو.

  • ما الذي يهدد السكان الصرب؟

تكتسب المنطقة الواقعة في شمال كوسوفو -حيث يشكل الصرب غالبية السكان- أهمية فعلية؛ إذ إنها تشكل امتدادا لصربيا. وتتحمل بلغراد تكاليف الإدارة المحلية ورواتب الموظفين العموميين والمدرسين والأطباء ومشروعات البنية التحتية الكبرى.

ويخشى السكان الصرب من فقدان مزايا مثل الرعاية الصحية المجانية في صربيا بمجرد دمجهم بشكل كامل داخل كوسوفو، وهو ما سيدفعهم إلى الانضمام إلى نظام خاص للرعاية الصحية في كوسوفو.

المصدر : رويترز