دليلك إلى أفضل أفلام الرعب.. هكذا تطهّرنا السينما من أسوأ مخاوفنا

أفلام الرعب ما هي إلا محاولة لإلقاء الضوء على المصائر الأكثر ظلامًا التي قد تلقي بظلالها على حياة المشاهد، فيشعر بالراحة لحياته العادية

هذا الصباح- لماذا يدمن الناس مشاهدة أفلام الرعب؟
هواة أفلام الرعب لديهم معايير صارمة لتمييز الأفضل بينها (الجزيرة)

يقول كاتب أدب الرعب الأشهر ستيفن كينغ في كتابه "دانس ماكابرا" إن "الغرض من أدب الرعب ليس فقط استكشاف التابو، وإنما تأكيد مشاعرنا الجيدة حول الوضع الراهن من خلال إظهار رؤى مخيفة لما يمكن أن يكون عليه البديل".

ويعني بذلك أن الرعب سواء أكان في السينما أم الأدب، ما هو إلا محاولة لإلقاء الضوء على المصائر الأكثر ظلاما التي قد تلقي بظلالها على حياة المُشاهد فيشعر بالراحة لحياته العادية.

ويمكن تلخيص ما قاله كينغ بمصطلح شهير في الدراما، وهو "التطهير".

فالمتفرج يرى البطل يمر بالأسوأ، فيشعر أنه كبش فداء بدلاً منه شخصيا. ومن هنا ظهرت الأهمية النفسية لأفلام الرعب التي تجعلها أحد أشهر الأنواع السينمائية وأكثرها رواجا منذ ظهورها.

أقوى أفلام الرعب في التاريخ

بدأ تاريخ أفلام الرعب في عشرينيات القرن الماضي، بفيلم "مقصورة الدكتور كاليغاري" عام 1920 (The Cabinet of Dr. Caligari)، وهو فيلم ألماني صامت ينتمي إلى المدرسة التعبيرية الألمانية.

نجح الفيلم لأسباب كثيرة، بعضها فنية كنوع سينمائي حديث ومبتكر في تلك الفترة، وأسباب سياسية واجتماعية للوضع المزري الذي عاشت فيه ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

فسعى المشاهدون إلى خيال أكثر رعبا من واقعهم ربما لتخفيف وقع حياتهم الحزينة. ويتناول الفيلم قصة الطبيب النفسي كاليغاري الذي يستغل أحد مرضاه في القيام بعدة جرائم قتل باستخدام التنويم المغناطيسي.

وأفرزت هذه الفترة وما بعدها، مجموعة من أقوى أفلام الرعب، منها فيلم "نوسفيراتو" (NOSFERATU) إنتاج عام 1922 وإخراج الألماني أيضا "مورناو".

ويتناول ثيمة شهيرة للغاية في أفلام الرعب، وهي "مصاصو الدماء" أو "دراكولا" كما يشيع اسمه.

أفضل أفلام الرعب

وعلى الرغم من أهمية الفيلمين السابقين، كأعمال فتحت الباب لسيل أفلام الرعب اللاحقة، فإنها لا تعد فنيا أفضل أفلام الرعب، فهواة هذا النوع لديهم الكثير من المعايير الصعبة التي يجب أن تستوفيها الأعمال لتحصل على هذا اللقب.

يأتي في أعلى قوائم أفضل أفلام الرعب في التاريخ بصورة متكررة فيلم "طارد الأرواح الشريرة" (The Exorcist)، المقتبس من رواية "ويليام بلاتي" التي تحمل الاسم ذاته، والذي أصبح سريعا بعد عرضه عام 1973 فيلم الرعب الأعلى ربحا على الإطلاق، وأول فيلم رعب يتم ترشيحه لجائزة "أوسكار" لأفضل فيلم (حصل على 9 ترشيحات أخرى).

لكن خارج هذه التقييمات النقدية والتجارية، اشتهر الفيلم بالهستيريا الجماعية التي نشرها في أنحاء البلاد من الاحتجاجات على موضوعه المثير للجدل إلى التقارير المنتشرة عن الغثيان والإغماء بين الجمهور.

ويبدو إيقاعه الدرامي ومؤثراته قديمة الآن، مقارنة بأفلام الرعب المعاصرة، ولكن لا يمكن إنكار التأثير التي لا يزال الفيلم يتمتع به على أولئك الذين يشاهدونه للمرة الأولى.

"البريق" (The Shining): من أشهر أفلام الرعب على الإطلاق، اقتبست العشرات من روايات وقصص ستيفن كينغ (كاتب روايات الرعب الأشهر في العالم) على الشاشة الكبيرة، وتعد الكثير من هذه الأفلام كلاسيكيات اليوم.

ولا يمكن أن نذكر سينما روايات كينغ من دون ذكر هذا الفيلم الذي أخرجه المخرج العظيم ستانلي كوبريك والذي يعد حتى الآن أعجوبة في تصميم الديكور والإنتاج لقصة منزل "مسكون" بالأرواح الشريرة، والذي تقشعر له الأبدان.

 أنواع أفلام الرعب

تعد أفلام الرعب أحد الأنواع السينمائية الرئيسة وتنافس في ذلك أفلام الويسترن والأفلام الموسيقية والرومانسية. ولكن مفهوم "النوع" (Gener) يتسع -كذلك- لما يسمى بالأنواع الفرعية، فنجد أن الرعب قد يتقاطع مع أنواع أخرى، فهناك أفلام رعب وأكشن (حركة) وأفلام رعب وإثارة وتشويق وحتى أفلام رعب وكوميديا.

  • أفلام رعب وأكشن: هناك الكثير من أفلام رعب وأكشن مهمة، أشهرها "مجزرة منشار تكساس" (The Texas Chainsaw Massacre) إنتاج 1974 وهو فيلم منخفض الميزنية من إخراج توب هوبر الذي شارك في كتابته، وهو مستوحى من جرائم السفاح "إيد غين" (Ed Gein)، الأمر الذي جعله مخيفا أكثر، إذ يعطي انطباعا بأنه يمكن أن يحدث هذا بالفعل. و"إيد غين" (1906-1984) المعروف أيضا باسم "جزار بلينفيلد" أو "غول بلينفيلد"، كان قاتلاً أميركيا مدانا. وجرائمه التي ارتكبت حول مسقط رأسه في بلينفيلد، اكتسبت سمعة سيئة على نطاق واسع بعدما اكتشفت السلطات أن "غين" استخرج جثثا من المقابر المحلية وصمم تذكارات من عظامهم وجلدهم.
  • أفلام رعب وإثارة: من أشهر أفلام الرعب والإثارة على الإطلاق "نفوس معقدة" (PSYCHO) من إخراج ألفريد هيتشكوك الذي استطاع إعادة اكتشاف نوع الرعب مرة أخرى في هذا العمل بالأبيض والأسود والمقتبس من رواية روبرت بلوخ بالاسم ذاته، وقدم أحد أكثر المشاهد الدموية في التاريخ، وهو مقتل البطلة في الحمام من دون أن يُظهر عملية القتل ولا القتيلة أو القاتل.

أفضل أفلام الرعب في 2022

تطورت أفلام الرعب على مر العقود الماضية، فظهرت تقنيات جديدة، وحبكات مختلفة. ومع قرب نهاية العام، يمكن التركيز على أفضل أفلام الرعب في 2022، والتي عُرضت حتى الآن.

  • فيلم "سي سي" (SISSY): تدور أحداثه حول لقاء صديقتين منذ المراهقة هما سيسليا وإيما، بعد عقد من الزمن. ويتم دعوة سيسي في عطلة نهاية الأسبوع مع إيما، ولكن تُحبس في كوخ ناءٍ مع المتنمرة التي عذبتها خلال المدرسة الثانوية، ليبدأ انتقام غير متوقع. حصل الفيلم على تقييم 97% على موقع الطماطم الفاسدة "روتن توماتوز" (Rotten Tomatoes)، وأشاد النقاد بمزجه بين الرعب والكوميديا السوداء وكذلك بأداء بطلته عائشة دي.

  • فيلم "هيلبندر" (Hellbender): تعيش إيزي ووالدتها حياة بسيطة وهادئة في الغابة، حيث تمضيان معظم وقتهما في تأليف موسيقى الميتال. وبعد لقاء صدفة مع زميلة مراهقة غامضة، تبدأ إيزي في الكشف عن التاريخ المظلم لعائلتها وعلاقاتهم بالسحر ثم تتوتر علاقتها بوالدتها بشكل متزايد. حصل الفيلم على تقييم 97% على موقع "روتن توماتوز"، وأشاد النقاد بتقديمه النوع الفرعي "أفلام النضوج" (Coming Of Age) بشكل مظلم يتناسب مع نوع الرعب.
  • فيلم "الأبرياء" (THE INNOCENTS): تدور أحداثه في فصل الصيف المشرق وفيه يكشف مجموعة من الأطفال قوتهم المظلمة والغامضة عندما لا يراقبهم الكبار. عُرض الفيلم في مهرجان "كان" السينمائي وهو شرف لا يناله سوى عدد محدود للغاية من أفلام الرعب. وحصل على  تقييم 96% على موقع "روتن توماتوز"، وأثنى النقاد على طريقة إظهار الفيلم الجانب المرعب من الطفولة.

قد لا تكون أفلام الرعب النوع الأكثر تقديرا بين الأنواع السينمائية ولا حتى الأكثر شعبية، ولكنها تداعب المخاوف المتأصلة في النفس البشرية، إذ تجعل الكوابيس تخرج من ذهن الإنسان متجسدة على الشاشة، وما يشعره بأنه أخف وأهدأ بعدها ولذلك ستظل تستمر وتتطور وتزدهر.

المصدر : الجزيرة