الجمعة 3 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«السفاع».. ضيافة أهل الجبال

شيخة الحبسي (تصوير: أشرف العمرة)
29 يوليو 2022 00:51

خولة علي (دبي) 

تتنوع الأكلات الشعبية في مجتمع الإمارات بتنوّع البيئة المحلية، وتتميز بعض المناطق بفنون إعداد موائدها، ويُعتبر الخبز جزءاً لا يتجزأ من المائدة على اختلاف أنواعه. ويشتهر خبز «السفاع»، الشبيه بخبز «الصاج»، بين سكان الجبال، ويحضّر على التنور المشيّد من الحجارة، ويُستخدم فيه دقيق البر المنتشر في المزارع.
عملية تحضير الخبز، لم تكن في الماضي عملاً سهلاً وبسيطاً، وإنما كانت شاقة وتحتاج إلى الجهد منذ لحظة حصاد الحَب إلى طحنه بالرحى وإعداد العجين وخَبزه. وهي من الأعمال الكثيرة التي عكفت المرأة على مزاولتها بشكل يومي منذ الصباح الباكر، فقبل أن تكشف الشمس عن نورها، وتتسلل أشعتها الذهبية بين رؤوس الجبال، تكون قد انتهت المرأة من تجهيز الخبز وإعداد المائدة. 

طقوس يومية 
تعود بنا شيخة راشد الحبسي بذاكرتها إلى الماضي، وحرص الأمهات قديماً على تعليم بناتهن الأعمال المنزلية، ومنها إعداد خبز «السفاع» الذي يتطلب الكثير من الجهد. جلب حطب السمر أولاً، ثم إشعال التنور، بعد تجهيز العجين للبدء بعملية الخَبز. وتذكر أن البيوت لم تكن تخلو من تنور الخَبز ورائحته التي تفوح في الوقت الذي عادة ما تقوم فيه النسوة بالخَبز قبل عودة الرجال من صلاة الفجر، حيث تتأهَّب البيوت لإعداد الإفطار قبل الذهاب إلى مزاولة النشاط اليومي، وترتيب المنزل وجلب ما ينقصه من ماء وحطب وخضار لتحضير الغداء.

تحضير العجينة
تستعد الوالدة شيخة لتحضير عجينة «السفاع»، التي تتكوّن من دقيق البر والماء والملح، حتى تتشكل متماسكة ولينة نوعاً ما. ثم تتركها حتى ترتاح، وتنطلق في جمع الحطب وإشعال التنور الذي ما زال يقوم بدوره ولم يفقد أهميته وقيمته مع دخول الأفران الحديثة. وتحرص على استخدام الأساليب القديمة عند الخَبز، نظراً لمذاقه الفريد ورائحته الشهية. وبالرغم من أن العمل يتطلب مجهوداً منها، فهي ما زالت تحضِّره بنفسها للعزائم والمناسبات الاجتماعية المختلفة، كالأعياد والأعراس، حيث تشتهر في أوساط الفريج بهذه الصناعة التقليدية. 

غلال البر
عن مدى توفر غلال القمح أو البر، تقول الوالدة شيخة: كانت المزارع منتشرة على رؤوس الجبال، حيث يحرص الأهالي على زراعة حبوب البر أو القمح، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموسم الأمطار، ويعم الفرح موسم الحصاد حتى لو كانت الغلة قليلة. ويتم توزيعها على أهل الفريج ليأخذ الجميع نصيبهم، وتُترك حتى تجف تماماً في مخازن مخصصة لحمايتها من الرطوبة. ثم تبدأ مرحلة طحن الحَب باستخدام الرحى الموجودة في كل بيت للحصول على دقيق ناعم من البر لاستخدامه في تحضير أطباق أخرى إلى جانب الخبز. وتلفت إلى أن «السفاع» يُقدم عادة على مائدة العيد مع العسل والتمر، والجبن المحلي. وغيابه يُعتبر انتقاصاً لـ «فوالة» العيد، ومن المعيب أن تكون المائدة خالية منه، حيث تحرص الأسر حتى اليوم على هذه العادات المتوارثة التي ما زالت تحظى باهتمام مع تعاقب الأجيال.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©